منتدى بدر الصواف المحامى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بدر الصواف المحامى


    مواقف في العدل ناصعة أشبه بالأساطير

    بدر الصواف
    بدر الصواف


    المساهمات : 89
    تاريخ التسجيل : 20/04/2010

    مواقف في العدل ناصعة أشبه بالأساطير Empty مواقف في العدل ناصعة أشبه بالأساطير

    مُساهمة  بدر الصواف الثلاثاء 15 يونيو 2010, 11:08 pm

    منصب القضاء في الإسلام من أعلى المراتب لقوله تعالى ( والله يقضى بالحق ) غافر 20 فكان القاضي نائب عن الله في حكمه وفتواه يقول الإمام الغزالى ( إنه أفضل من الجهاد لأن طباع البشر مجبولة على التظالم وقل من ينصف من نفسه والإمام مشغول بما هو أهم منه فوجب من يقوم به فإن امتنع الصالحون له منه أثموا وأجبر الإمام أحدهم ) ولقد جاءت دوحة الإسلام برجال وقضاة أفذاذ قوالين بالحق أمارين بالمعروف لا يعصون الخالق في طاعة المخلوق وهؤلاء هم الذين تحتاج الأمة إلى أمثالهم إذ الأمة لا تحتاج إلى شيء من الأخلاق احتياجها إلى العدل والمساواة وعدم الإغضاء على تعدى حدود الله رهبة من السلطان ... هؤلاء الذين تحيا بهم الأمم وتشرق بهم الأيام وتعلو بهم قداسة الحق فتطيب بهم الأيام (5)
    فمن مواقفهم الناصعة مع ذوى السلطان ما روى أن عليا بن أبى طالب كرم الله وجهه افتقد درعا له كانت أثيرة عنده ثم ما لبث أن وجدها في يد رجل يهودي يبيعها في سوق الكوفة فلما رآها عرفها وقال: هذه درعي سقطت عن جمل لي في ليلة كذا وفي مكان كذا فقال الذمي: بل هذه درعي وفي يدي يا أمير المؤمنين وبيني وبينك قاضى المسلمين فقال على أنصفت فهلم إليه ، فلما صارا عند شريح القاضي في مجلس القضاء قال شريح لعلى رضي الله عنه : لا ريب عندي في أنك صادق فيما تقوله يا أمير المؤمنين ولكن لابد لك من شاهدين فقال على: نعم مولاي قنبر وولدي الحسن يشهدان لي فقال شريح ولكن شهادة الابن لأبيه لا تجوز فقال على يا سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) (6) فقال شريح بلى يا أمير المؤمنين غير أنى لا أجيز شهادة الولد لوالده ، عند ذلك التفت على إلى الذمي وقال خذها فليس عندي شاهد غيرهما فقال الذمي ولكنى أشهد بأن الدرع درعك يا أمير المؤمنين ثم أردف قائلا يا لله أمير المؤمنين يقاضيني أمام قاضيه وقاضيه يقضى لي عليه أشهد أن الدين الذي يأمر بهذا لحق وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
    ويذكر السيوطى في تاريخ الخلفاء أن الخليفة أبو جعفر المنصور كتب إلى سوار بن عبد الله قاضى البصرة كتابا فيه (أنظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر فادفعها إلى القائد ) فكتب إليه سوار (إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر فلست أعطها لغيره إلا ببينة ) فكتب إليه المنصور ( والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد ) فكتب إليه سوار ( والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجها من يد التاجر إلا بحق ) فلما وصل كتابة إلى المنصور قال: ملأتها والله عدلا فصار قضاتي تردني إلى الحق
    ومنهم القاضي المنذر بن سعيد البلوطى الذي ولى القضاء بقرطبة أيام عبد الرحمن الناصر وناهيك من عدل أظهر ومن فضل أشهر ومن جور قبض ومن حق رفع ومن باطل خفض كان مهيبا صليبا غير جبان ولا عاجز ولا مراقب لأحد من خلق الله في استخراج حق ورفع ظلم ، استعفي مرارا من القضاء فما أعفي ، ويروى أن الناصر أراد أن يبنى قصراً لإحدى نسائه وكان بجوار المكان دار صغيرة وحمام لأيتام تحت ولاية القاضي فطلب شراءه فقالوا إنه لا يباع إلا بإذن القاضي نسأله بيعه فقال القاضي لا إلا بإحدى ثلاث حاجة الأيتام أو وهن البناء أو غبطة الثمن فأرسل الخليفة خبراء قدروهما بثمن لم يعجب القاضي فأباه وأظهر الخليفة العدول عنهما والزهد فيهما وخاف القاضي أن يأخذهما جبرا فأمر بهدم الدار والحمام وباع الأنقاض بأكثر مما قدر الخبراء وعز ذلك على الخليفة وقال له ما دعاك إلى ذلك؟ قال أخذت بقول الله تعالى ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) الكهف 79 لقد بعت الأنقاض بأكثر مما قدرت للدار والحمام وبقيت للأيتام الأرض فالآن اشترها بما تراه لها من الثمن قال الخليفة أنا أولى أن أنقاد إلى الحق فجزاك الله عنا وعن أمتك خيرا.
    ومواقف العدل حتى مع الأبناء فلذات الأكباد ومما يروى في ذلك أن ابن شريح القاضي قال له يوما يا أبت إن بيني وبين قوم خصومة فانظر فيها فإن كان الحق لي قاضيتهم وإن كان لهم صالحتهم ثم قص عليه قصته فقال له شريح انطلق فقاضهم فمضى إلى خصومه ودعاهم إلى المقاضاة فاستجابوا له ولما مثلوا بين يدي شريح قضى لهم على ولده فلما رجع شريح وابنه إلى البيت قال الولد لأبيه فضحتني يا أبت والله لو لم أستشرك من قبل لما لمتك فقال شريح: يا بنى والله لأنت أحب إلي من ملء الأرض من أمثالهم ولكن الله عز وجل أعز علي منك ، لقد خشيت أن أخبرك بأن الحق لهم فتصالحهم صلحا يفوت عليهم بعض حقهم فقلت لك ما قلت
    وقد كفل ولد لشريح رجلا فقبل كفالته فما كان من الرجل إلا أن فر هاربا من يد القضاء فسجن شريح ولده بالرجل الفار وكان ينقل له طعامه بيده كل يوم إلى السجن.
    ( إن لنا نحن أبناء هذه الحضارة دين على الشعوب التي حررتها حضارتنا يجب أن نسترده لا بالتفاخر الكاذب ولا بالأماني والأباطيل بل بمعرفتنا لقدر أنفسنا وقيمة حضارتنا وسمو تراثنا واستحقاقنا لأن نكون الأمة الوسط التي تشهد على الناس وتقودهم إلى الخير والحق والكرامة ولعلنا فاعلون إن شاء الله) (7).

    ( للأمانة منقول )

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024, 3:27 pm